الحرب الالكترونية تهدد أمن الدول وتقلق مواطنيها


 http://www.onejerusalem.com/wp-content/bank_of_israel_hacked.jpg
بات القلق يساور مختلف البلدان من أن حربًا من طراز جديدة نشبت في العالم المعاصر ستكون آثارها وخسائرها من طراز جديد قد لا تؤدي مباشرة بحياة البشر، ولكنها تعرض أمن دولهم للخطر الجدي. وتتابع روسيا عن كثب هذه التطورات خصوصًا أن قدرات شبكاتها مازالت محدودة.
فالح الحمراني من موسكو: لم تبدأ الحرب الالكترونية التي يتوقع العالم اتساع رقعتها مستقبلاً مع الهجوم الذي تعرضت له أجهزة الحاسوب في محطة بوشهر الإيرانية، بل إن تاريخها يعود إلى عقود من الزمن. إذ طالت الهجمات الالكترونية مختلف المؤسسات الاستخبارتية والمالية في الدول الكبرى.
وباعتراف مختلف الخبراء فإن نشوب الحرب "الالكترونية" باتت مسألة حتمية نظرًا إلى أن الوصول لشبكة الحاسوب وإمكانية استخدامه بصورة فعالة مسألة قابلة للتحقيق، لذلك فإنها غدت هدفًا مغريًا.
الخبرة الأميركية
كرست في روسيا الكثير من الدراسات التي راحت تتمعن في تجارب الدول الأخرى للتصدي للهجمات على شبكات المعلومات الالكترونية والتصدي لها. كما كرست الكثير من الصفحات والأعمال للخبرة الأميركية في هذا المجال. وتتابع روسيا عن كثب التطورات، ولديها شيء من الشعور بالأمان من أن تقتحمها الحرب، فقد دفعها منذ عهد الاتحاد السوفياتي هاجس من أنها مستهدفة من قبل الاستخبارات العالمية، إلى تأسيس شبكة الكترونية وطنية، إضافة إلى أن قدرات شبكاتها مازالت محدودة. ولذلك فإن اهتمام الخبراء الآن منصب على سير الحرب الالكترونية في الدول الكبرى لإتقان خبرتها.
وحسب مختلف الدراسات الروسية فإن المؤسسة العسكرية الأميركية راحت تولي الاهتمام لقضايا حماية أجهزتها الالكترونية منذ 20 عامًا. وكان قائد الجهاز الالكتروني التابع للقوات المسلحة الأميركية ورئيس وكالة الأمن القومي الفريق كيت الكسندر قد أعلن عن ذلك خلال جلسة الاستماع في لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الأميركي.
ووفقًا للمصادر الروسية، فإن أجهزة استخبارات الدول الأجنبية ومختلف الهيئات الأخرى المعنية بالحصول على معطيات عسكرية سرية دائمًا ما تشنّ هجمات على شبكات وزارة الدفاع الأميركية ومراكز المعلومات. ويوجه المسؤولون الأميركيون عن قضايا المعلومات الأمنية في المؤسسة العسكرية الأميركية وفق المصادر الروسية أصابع الاتهام إلى الاستخبارات الروسية والصينية في العمل على الحصول بتلك الطرق على المعلومات السرية. وأعلنوا عن ذلك مرات عديدة في التقارير المكرسة لمشكلة سرقة أسرار الاستخبارات من مختلف البلدان.
وتشير التقارير الروسية إلى أنه ترددت في نهاية أغسطس/آب الماضي معلومات رسمية تعترف بأن أحد الشبكات السرية للمؤسسة العسكرية الأميركية تعرضت في عام 2008 لهجوم كثيف. وبالنتيجة، فقد حصل أعداء البنتاغون على أسرار عسكرية كثيرة في تقرير عنوانه "إدارة الانترنت في عصر نقاط ضعف الكيبرنيتكا"، وضعه خبراء مجلس العلاقات الدولية ـ وهو منظمة مستقلة تعطي الاستشارات لوزارة الخارجية الأميركية والكونغرس ومختلف الهيئات الفيدرالية وشركات القطاع الخاص.
وفي هذا التقرير، أفاد النائب الأول لوزير الدفاع وليم لين المشرف على  قضايا الأمن الالكتروني في البنتاغون، أن حاسوبًا محمولاً في أحد القواعد الأميركية في الشرق الأوسط كان قد تعرض لهجمة الكترونية. وتسرب فيروس خاص في الكمبيوتر من خلال فليش ـ خازن، وتغلغل بسرعة إلى الشبكات العسكرية. وعلى حد قول لين، فإن عملاء الاستخبارات الأجنبية استلوا بهذه الهجمة الالكترونية معلومات مهمة من الحاسوب.
ووفقًا للوثائق الرسمية للبنتاغون، فإن هذا الحادث أدى إلى تسريب أكبر حجم من المعلومات من الأنظمة الأميركية العسكرية التي حصلت عليها استخبارات الدول الأجنبية. وكانت معلومات ذات طابع فني وعملياتي وتجسسي، لا تخص المؤسسة العسكرية الأميركية وحدها، بل حلفاؤها في حلف الناتو.
وتهتم الجهات الروسية بأنه وإثر هذه الهجمة أعادت وزارة الدفاع الأميركية النظر في أسلوب حماية شبكة كمبيوتراتها ومراكز المعلومات. واتخذ البنتاغون ووزارة الأمن الداخلي التدابير اللازمة للوقاية من هذه النوع من التغلغل في الشبكات الوطنية ومراكز المعلومات. وجرى بإشراف وكالة الأمن القومي إعداد الطرائق اللازمة لمنع كل أشكال استخدام الفليش/خازن المعلومات غير المرخص بها، في شبكات الهيئات الفيدرالية. ويسري مفعول هذه التدابير حاليًا في هيئات الدولة كافة في أميركا.
وتهتم المصادر الروسية بواقع أن وزير الخارجية الأميركي روبرت غيتس قد وقّع في يونيو/حزيران الماضي على مرسوم يقضي بإقامة قيادة الكترونية، وترصد أن المؤسسة الجديدة تتحمل مسؤولية صيانة أمن شبكات كمبيوترات وزارة الدفاع الأميركية وتتصدى للهجمات الالكترونية الخارجية. ويرى البنتاغون أن المهمة الرئيسة لهذه المؤسسة يكمن في جمع فصائل أجهزة الاستخبارات الأميركية تحت سقف واحد، إضافة إلى القوى الهجومية والدفاعية.

بوشهر كواقعة
الأوساط الروسية اهتمت بشكل غير عادي بتعرض كمبيوترات محطة بوشهر إلى هجمة الكترونية نظرًا إلى أن هذا يمس روسيا التي قامت باستكمال بناء المحطة، ورجح تقرير بالروسية نشرته وكالة أنباء تاس أن يكون فيروس "ستاكسنت" الذي اكتشفه الخبراء الالكترونيين في شهر يونيو الماضي قد صنع خصيصًا لغرض تخريب عمل محطة بوشهر الكهروذرية أو المصنع الخاص بتخصيب اليورانيوم في ناتانز.
ونقل عن خبراء في شركة "سيمانتيك" الأميركية المتخصصة في إعداد البرامج المضادة للفيروسات أن صياغة برنامج يسبب أضرارًا بعمل الكمبيوترات من هذه الشاكلة مستحيلة، إلا من قبل اختصاصيين رفيعي المهارة وبدعم مالي كبير وإلى حد الدعم الرسمي من جانب الدولة. ويقول هؤلاء الخبراء إن "ستاكسنت" يعتبر برنامجًا مسببًا للأضرار معقدًا للغاية وقادرًا على التدخل في عمل أجهزة الإدارة الالكترونية في المؤسسات الصناعية. إضافة إلى أن الفيروس يمتلك خيارًا كبيرًا في العمل، ويجب أن ينشط وفقط في حالة اقتحامه لمنظومة مؤسسة معينة أو أن يحدد بشكل مصطنع انتشاره خارج حدود منطقة معنية. وقد أصيب بعدوى هذا الفيروس ما بين 45 و60 ألف كمبيوتر في العالم. إلا أن القسم الأكبر من هذه الحالات موجه ضد إيران.
ونقل عن محمود ليائي رئيس مجلس التكنولوجيا الإعلامية التابع لوزارة الصناعة والمناجم الإيرانية أن الكشف عن فيروس الكومبيوتر "ستاكسنت" في كمبيوترات موظفي المحطة الكهروذرية الإيرانية في بوشهر قد يعتبر دليلاً على "شنّ حرب الكترونية ضد إيران". من ناحيته أكد مدير المحطة الكهروذرية محمود جعفري أن هذا الفيروس أصاب الكمبيوترات التي تعود إلى موظفي المحطة الكهروذرية
ونسب إلى أحد خبراء مؤسسة "سيمانتيك" باتريك قوله "لو سألوني منذ بداية يونيو حول مدى إمكانية خلق مثل هذا الفيروس المتفنن لأبعد الحدود لأجبت بشكل قاطع "كلا". إلا أنه تم الآن التدليل على العكس، وأن هذا الأمر يجب أن يشكل بالنسبة إلينا جميعًا دافعًا للقلق بشكل جدي للغاية". ويبدو أن الفيروس "ستاكسنت" يعتبر أحد أول الفيروسات القادرة على أن تسبب أضرارًا واسعة النطاق في عمل المؤسسات الصناعية وفي وسائط النقل بتوجيهها مباشرة للتعليمات الخطرة المحتملة للمنظومات الإدارية خلافًا لغالبية البرامج المسببة للأضرار المتخصصة بالدرجة الأولى في سرقة المعطيات أو لزيادة الضغط على عمل منظومة الكمبيوتر إلى مستوى لا تتحمله.
ورأى أن روسيا ستأخذ بالحساب هذه التطورات الجديدة، وسترصد احتمال تعرض الشبكات الالكترونية لمؤسساتها الاستراتيجية لهجمة، لاسيما أنها تربط كل مراكز إطلاق الصواريخ النووية والفضائية الكونية والاتصالات بين مراكز صنع القرار عذرا على عدم وضع المصدر
.